كشفت دراسة علمية حديثة أن 75 في المئة من حيونات المفترسة الكبيرة، بما في ذلك الأسود والذئاب والدببة، تشهد نقصا ملحوظا في أعدادها.
وأشارت الدراسة، التي نشرتها مجلة “ساينس” الأمريكية المهتمة بتقدم العلوم، إلى أن غالبية تلك الأنواع تراجعت بأكثر من 50 في المئة عن معدلاتها السابقة.
وساهم فقدان موائل هذه الحيوانات والفرائس التي تتغذى عليها واضطهاد الإنسان لها في تراجعها بأماكن مختلفة في أنحاء العالم.
وقال الباحثون في الدراسة إن انقراض الحيونات المفترسة قد يكون له أضرار ضخمة على النظام البيئي حول العالم.
وأوضحوا أن معظم تلك الحيوانات في الدول المتقدمة قد استسلمت للانقراض، وأن 31 نوعًا منها يتعرض لضغوط متزايدة في غابات الأمازون وغابات شرق جنوب وشرق آسيا وجنوب شرق أفريقيا.
وقال كبير الباحثين المشرف على الدراسة، الدكتور وليام ريبل، من جامعة ولاية أوريغون الأمريكية: “يفقد العالم الآن الحيوانات الضخمة من آكلة اللحوم”.
وأضاف بأن “معدلات هذه الأنواع تتراجع بشدة، وكثيرا منها يواجه خطر الانقراض على المستويين المحلي والعالمي”.
ولفتوا إلى أن دراستهم تسلط الضوء على الدور البيئي الذي تلعبه هذه الحيوانات.
وأوضحوا أن قلة عدد الذئاب والأسود الأمريكية المفترسة، الموجودة في محمية ويلستون الأمريكية، ساعدت على زيادة أعداد الحيوانات العشبية.
وعلى الرغم من أن هذا يعد أمرا جيدًا، فإن الباحثين وجدوا في زيادة الحيوانات العشبية خطرا على الحياة النباتية، وإزعاجا لحياة الطيور والحيوانات الثديية الصغيرة، وهو ما يحمل “سيلا من الآثار الضارة”، بحسب تعبيرهم.
وكانت هناك آثار شبيهة في أمكان كثيرة بأنحاء العالم.
وارتبط ظهور “قردة البابون” بقوة في أفريقيا بتراجع عدد الأسود والفهود، وأصبحت تلك القردة تشكل خطرا داهما على المحاصيل الزراعية ورعي الماشية أكثر من الأفيال ذاتها.
من يدفع الثمن؟
وقال العلماء إن لب المشكلة يكمن في مفهوم “عتيق” بأن الحيوانات المفترسة تشكل ضررا وتهديدا كبيرا للحياة البرية.
وشددوا على أن هناك حاجة للاعتراف سريعا بدور الحيوانات المفترسة المهم وقيمتها من الناحية الاقتصادية.
فعندما يحاول الناس القيام بدور مماثل لهذه الحيوانات، فلن تكون تلك الأدوار بنفس الكفاءة والفعالية.
وقال وليام ريبل إن سياسة التسامح الإنساني تعد قضية غاية في الأهمية للحفاظ على هذه الأنواع من الانقراض.
وشدد على أن الحيونات المفترسة لها كامل الحق في الحياة، وأنها توفر الخدمات الاقتصادية والبيئية التي يقدّرها الناس.
وتوفر هذه الحيوانات مجموعة خدمات قيمة، أثبتتها دراسات سابقة، منها امتصاص الكربون، وإسهامها في التنوع البيئي، ومكافحة الأمراض.
وتابع ريبل أنه عندما أعيد عدد من الحيوانات المفترسة، مثل الذئاب، إلى محمية ويلستون الأمريكية، استجاب النظام البيئي هناك بسرعة كبيرة.
ويضيف: “كنت مندهشا بمدى مرونة النظام البيئي في المحمية ومدى استجابته، فلم يحدث مثل هذا الأمر في أي مكان آخر”.
وأكد الباحثون الحاجة إلى طرح مبادرة دولية من أجل الحفاظ على هذه الأنواع من الحيوانات المفترسة، وإيجاد طريقة لتعايشها سلميًّا مع البشر.
ويدعو الباحثون “مبادرة آكلات اللحوم في أوروبا”، التابعة للاتحاد الدولي للحفاظ على البيئة ومواردها، إلى لعب دور في الحفاظ على الحيونات المفترسة في المستقبل.
bbc