بعكس ما كان يُعتقد أثبت الفيل في تجربة عمليه قدرته على فهم إرشادات البشر الإيمائية دون ترويض مسبق. فالفيل البري مثلا يستطيع بالفطرة الغريزية الاستجابة لحركة من أصبع الإنسان ترشده لمكان الغذاء دون أي تمرين.
يقوم خرطوم الفيل بوظائف عملية متعددة، فهو يساعد هذا الحيوان الضخم ذا الجلد السميك في استحساس الأشياء ولمسها وفي شم رائحتها وحملها أو نقلها، كما يستخدم خرطومه في تناول الطعام وكمضخة أنبوبية تضغط وتشفط السوائل أو كسلاح للدفاع.
إضافة الى ذلك يوظف الفيل خرطومه في التواصل مع غيره من أفراد فصيلته معبرا من خلال تحريكه عن حالته المزاجية.
آخر التجارب في هذا السياق هو أن الفيل قادر على فهم إيماءات الإنسان وحركاته.
وهذا ما قام بتجربته بدقة كل من آنا سميت وريتشارد بيرن من جامعة سانت أندروز البريطانية.
إذ أخضع هذان الباحثان أحد عشر فيلاً إفريقياً لهذه التجربة، وهي من الفيَلَة البرية المستخدمة في الرحلات والأسفار السياحية داخل الأدغال الإفريقية في زيمبابوي.
فيَلة برية
ويقول الباحثان في سياق تجربتهما:”هذه الفيَلة حيوانات برية تم استقدامها من الأدغال، لكنها قادرة على بناء علاقة تواصلية مع البشر”.
أصلا كانت هذه الحيوانات، التي تم اختبارها، تعيش في البراري وقد تمّ توظيفها في نقل البشر، وبذا فهي متعودة على الأوامر البشرية اللفظية والإيعازات الصوتية غير أنها لم تتدرب قط على استيعاب إيماءات الإنسان وفهم حركاته من قبل.
وفي تجربتهما قام الباحثان باستخدام إناءين من القصدير مقلوبين رأسا على عقب وقاما بإخفاء الطعام تحت أحد الإناءين المقلوبين.
وقامت الباحثة آنا بالإيماء والإشارة لكل فيل من فيَلة التجربة على حدة إلى موضع الإناء المحتوي على الغذاء. وتمكن حوالي 68 في المائة من هذه الحيوانات من اتخاذ القرار الصائب واختيار الإناء الصحيح، فقط من خلال حركة عبر إصبع الباحثة آنا.
ومن أجل المقارنة فقط فإن أطفال البشر البالغة أعمارهم سنة واحدة يستطيعون أيضا إنجاز وظائف مشابهة وبنسبة صواب ليست أعلى بكثير مما حققته الفيلة في هذه التجربة.
وبهدف التحقق من صحة نتائج تجربتهما وعدم تأثرها بعوامل أخرى مثل رائحة الغذاء قام الباحثان بإعادة التجربة ذاتها ولكن دون الإشارة بالإصبع إلى موضع الإناء الصحيح المحتوي على الغذاء.
وفي هذه التجربة الثانية العشوائية الخالية من أي إرشاد بشري إيمائي تمكن فقط نصف عدد الفيلة من العثور على الغذاء في الإناء الصحيح، أي أن نسبة الصواب في الاختيار باتت أقل، وبلغت خمسين في المئة فقط.
قدرة فطرية
تقول الباحثة آنا إن”الفيَلة تمتلك هذه القدرة على الأرجح حدسيا وبشكل فطري ودون أي تدريب”. وتضيف: “نتائج أول تجربة كانت مطابقة تماماً لنتائج آخر تجربة ولم نلاحظ دلائل على وجود أية عملية تعلم خلال تجاربنا”.
كما أن الفيَلة التي تم تدريبها مسبقا على الاستجابة للإيماءات البشرية لا تبدي أي تميز في إنجاز مثل هذه الوظائف عن الفيلة البرية التي تم استقدامها من بين أحراش الأدغال.
العجيب في الأمر هو أن الحيوانات المنزلية الأليفة كالقطط والكلاب لا تتمكن من الاستجابة لحركات الإنسان وإيماءاته بشكل حدسي طبيعي بل إنها تحتاج إلى تدريب أو إلى زمن طويل من العيش المشترك مع الإنسان كي تتمكن بعدها من التجاوب مع أوامره الإيمائية.
أما الفيل فإنه يفهم إشارات البشر من أول وهلة ودون أي ترويض. ويقول الباحثان إن: “الفيل يتميز عن بقية تلك الحيوانات بأنه يفهم إرشادات الإنسان الإيمائية فهما فطريا، وربما يعود ذلك إلى أن نظام تفكير الفيلة شبيه بالطريقة التي ينهجها البشر في التفكير”.