وضعت هيئة البيئة أبوظبي من اولويات استراتيجيتها حماية أشجار ( المانجروف) ما يعرف بأشجار القرم الموجودة في الامارة والتي تعتبر ملجأ للكثير من الكائنات المائية مثل الاسماك والروبيان كما انها تحمي الجزر من عوامل التعرية.
وتحتاج شتلة القرم الى 15 عاما للنمو ولتتحول الى شجرة تنمو في المياه المالحة وعلى الشواطئ وفي مناطق المد والجزر لتكون ملجأ للعديد من الكائنات المائية .
وتمتلك أبوظبي 85 % من اشجار القرم الرمادي الموجود في الامارات ويعتبر ( القرم الرمادي ) أحد أكثر الأنواع ندرة من المانجروف في حين تبلغ المساحات التي يغطيها هذا النوع من الأشجار في الامارات 40 كيلو مترا مربعا وتعتبر الإمارات من أعلى الدول احتضانا للقرم بنسبة 65 % مما هو موجود في العالم. وبالرغم من زيادة مساحة غابات القرم في إمارة أبوظبي إلا أن هناك بعض المواقع التي تأثرت بالانشطة البشرية وتشجع هيئة البيئة بأبوظبي شركات التطوير على إعادة تأهيل المناطق المتضررة من خلال القيام ببرامج واسعة النطاق لزراعة أشجار القرم حيث تم زراعة 750 ألف شتلة من أشجار القرم داخل وحول جزيرة السعديات بالتعاون مع هيئة أبوظبي للسياحة.
مرونة كبيرة
ويتمتع المخطط الرئيسي لـ «جزيرة السعديات» بمرونة كبيرة تعكس الالتزام بالمحافظة على طبيعتها البيئية الخاصة حيث تعتبر موطناً للأحياء والثروات الطبيعية التي تتواجد على شواطئها وتتخذ العديد من سلالات الطيور النادرة من محميات أشجار القرم الساحلية في الجزيرة موطناً لها.
ولنبات القرم فوائد إنتاجية واقتصادية عديدة بالإضافة لأهميته البيئية الكبيرة حيث تقوم نبات القرم بحماية الشواطئ من التعرية والتآكل بفعل الأمواج والتيارات البحرية وتجميع المواد الغذائية، فضلا عن الوظيفة البيولوجية الأساسية التي تؤديها هذه الأشجار حيث تقوم بيئة الجذور بوظيفة محاضن طبيعية للثروة السمكية إذ تعتبر ملجأ للأسماك الصغيرة كما تعتبر الحاضن الطبيعي للروبيان وتعتبر بيئة ملائمة لحياة السرطان وذي الصدفتين، حيث توفر لهم فرص الغذاء الملائم والتعايش ومناطق وضع البيض وفى نفس الوقت فهي مأوى لتعشيش الطيور.
ويشكل نبات القرم الرمادي (افيسينيا مارينا) النوع الوحيد الذي ينمو في مناطق المد والجزر على طول الشريط الساحلي لإمارة أبوظبي. ووقد تمت زراعة بعض الأشجارسابقاً في المنطقة حيث يزيد عمر بعض أشجار القرم المزروعة عن 20 سنة في حين نما البعض الآخر بصورة طبيعية.
المانجروف
أشجار القرم نباتات استوائية توجد على حافة خطوط الساحل المحمية غير مرتفعة السطح وفي مصبات الأنهار والبحيرات. يستخدم المصطلح الإنجليزي (Mangroves) للدلالة على نبتة واحدة، فيما يستخدم المصطلح (Mangal) للدلالة على المجموعة الكاملة من النباتات. ويمكن تقسيم أنواع المانجروف على أساس إيكولوجي عوضاً عن نظام التصنيف العلمي المتعارف عليه، حيث أنها تمثل مجموعة من الأشجار والشجيرات متعددة الأشكال تطورت معاً للتأقلم مع الحياة في التربة المائية المالحة.
وتقدر المساحة التي تغطيها نباتات المانجروف على مستوى العالم بحوالي 181.000 كم مربع وقد أفاد عدد من الباحثين بأن انخفاض درجات الحرارة يؤثر سلباً على بقاء المانجروف.
تنمو المانجروف في أحسن حالاتها في القيعان الرخوة داخل الخلجان الضحلة والبحيرات الساحلية التي تغمرها مياه البحر على نحو دوري. ولا تتناسب هذه الأوضاع مع الظروف المطلوبة لنمو النباتات الأخرى. فالنباتات البرية لا تستطيع تحمل الملوحة العالية والتربة المغمورة بالمياه التي تعتبر جزء من مواطن المانجروف كما أن القيعان اللينة ليست مناسبة لنمو الطحالب الكبيرة.
مساحات كبيرة
وتأوي إمارة أبوظبي 85 % من أشجار القرم الموجودة بدولة الإمارات وتشير التقديرات الأخيرة التي تستند إلى دراسات الاستشعار من بعد إلى أن القرم في إمارة أبوظبي يغطي مساحة تقدر بحوالي 40 كم2 فيما تقدرها الدراسات السابقة بما يتراوح بين 25 – 30 كم2 وبصرف النظر عن أن أياً من هذين التقديرين هو الأصح، فإن مجموعة أشجار القرم في إمارة أبوظبي تمثل جزءا هاماً من الغطاء النباتي من أشجار القرم في الخليج العربي، حيث تأتي في المرتبة الثانية بعد إيران التي يقدر الغطاء النباتي من أشجار القرم فيها بحوالي 90 كم2 .
وقد يكون المانجروف الرمادي أو القرم أكثر أنواع المانجروف تحملاً من حيث مقدرتها على التعايش مع درجات الحرارة المنخفضة والمرتفعة على حد سواء بالإضافة إلى تحمل الملوحة العالية، وهو الأمر الذي قد يفسر نجاح هذا النوع في منطقة الخليج العربي. وتوجد أشجار القرم على الساحل الرئيسي وسواحل العديد من الجزر، إلا أن انتشارها في السواحل الرئيسية يكون في شكل بقع متفرقة جداً.
ويوجد معظمها إلى الشرق من جبل الظنة. يلاحظ أن معظم مجموعات القرم صغيرة نسبياً من حيث الحجم وبالرغم من ذلك توجد مجموعات كثيفة في بعض المناطق وبصفة خاصة في الجزر وتشكل أشجار القرم غابات كبيرة في بوطينة ومروح والبزم الغربي وأبو الأبيض وصير بني ياس بالإضافة إلى أبوظبي والجزر القريبة منها. وعلى الرغم من أن معظم نباتات القرم تنمو بصورة طبيعية، فقد أدت الجهود المكثفة في العقود الثلاث الأخيرة في مجال إكثار وزراعة أشجار القرم إلى زيادة كبيرة في المساحة التي تغطيها هذه النباتات في الإمارة.
ثروة فريدة
أشجار القرم ثروة فريدة ترعاها وتنميها «البيئة» حيث أكد اختصاصيون في وزارة البيئة والمياه أهمية أشجار القرم التي تعمل الوزارة على تطوير تقنيات زراعتها وإكثارها ودورها الكبير في الحفاظ على الحياة البحرية . وتعتبر البيئة الساحلية الغنية بأشجار القرم من أنسب المناطق لتكاثر وحضانة أنواع الأسماك والروبيان والقشريات الأخرى، وأنواع الحياة البحرية المختلفة كما تُعد غابات أشجار القرم في مناطق مختلفة من العالم مورداً للأخشاب التي تستخدم في الكثير من الصناعات، مثل صناعة الفحم، والمنتجات الخشبية الأخرى.
وأوضحوا أن أشجار القرم تساهم في الحفاظ على أنواع الحياة البرية والبحرية، وعلى حياة أنواع مختلفة من الطيور، وتعمل كمناطق ملائمة لحياتها ومورداً لغذائها، وتوفر لها الحماية. وقالوا إن وزارة البيئة والمياه قد ساهمت منذ فترة طويلة في تطوير تقنيات زراعة وإكثار أشجار القرم في المناطق الساحلية للدولة، من خلال مركز أبحاث الأحياء البحرية التابع للوزارة الذي أولى بدوره عناية فائقة بأشجار القرم، بمشاركة العديد من البلديات والهيئات والمؤسسات كونها الأنظمة البيئية التي يجب تنميتها والمحافظة عليها.
جريدة البيان