للطيور البحرية وظائف كثيرة تصب كلها في مصب واحد هو المساهمة في التنمية المستدامة. فوجودها بأعداد كبيرة في بعض المناطق الساحلية أو قربها هو بالنسبة إلى صيادي البحر بطرق تقليدية مؤشر على أن مياه مثل هذه الأماكن يصلح فيها الصيد أكثر من غيرها. وهذه الطيور قادرة أيضا على مساعدة الإنسان على أخذ فكرة واضحة عن مخزون الثروات السمكية ونوعيتها من خلال دراسة غذائها .
وبالإمكان مراقبة هذه الطيور باستمرار بكلفة معقولة لاسيما في المناطق الساحلية حيث تستريح وتتوالد. ويشكل الأمر طريقة من طرق التعرف بشكل ملموس على الظروف البيئية البحرية. كما تساعد دراسة حياة هذه الطيور وعمليات تنقلها من البحر إلى اليابسة ومن اليابسة إلى البحر في وضع استراتيجيات تنموية على نحو مستدام في ما يخص مثلا مشاريع إنشاء محميات بحرية أو طواحين بحرية لتوليد الطاقة من الرياح.
وبرغم مساهمة الطيور البحرية المتعددة الأطراف في العملية التنموية الشاملة عموما وفي تنمية المناطق الساحلية بشكل خاص، فإن التعامل معها من قبل الإنسان يظل دون مستوى قيمة هذه المساهمة وأهميتها. فالدراسات العلمية التي أجريت حول الموضوع طوال العقود الثلاثة الماضية تخلص إلى أن أشكال الصيد العشوائي والجائر وغير القانوني والتي يمارسها الإنسان قبالة السواحل أو في المياه الدولية أصبحت تحرم هذه الطيور أكثر فأكثر من قوتها مما يشكل خطرا على قدرتها على التكاثر. وكانت هذه الطيور تعيش بشكل خاص على الأسماك والمنتجات البحرية الصغيرة الحجم والتي تتواجد بيسر عادة في المياه القريبة من السواحل. فأصبح جزء هام من هذه المنتجات يستخدم اليوم أعلافا لمزارع الأسماك البحرية أو التي تقام في اليابسة والتي توضع فوقها شباك تمنع الطيور من الصيد فيها.
وما يزيد الطين بلة بالنسبة إلى أوضاع هذه الطيور أن حياتها الأسرية في المناطق الساحلية قد تدهورت لأن كثيرا من الأماكن التي كانت ترتاح فيها وتتزاوج وتتكاثر أقيمت فيها فنادق ومنتزهات ومنتجعات سياحية لا يهتم فيها إلا براحة نزلائها من البشر. ولذلك فإن منظمات حماية البيئة غير الحكومية تدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إنصاف هذه الطيور ومنحها حقوقها التي اكتسبتها عن جدارة عبر مساهمتها في الحفاظ على التنوع الحيوي والتنمية المستدامة وفي مقدمتها الحق في الغذاء والراحة والتزاوج والتكاثر.
مونت كارلو