أظهر بحث جديد نشر في مجلة «غلوبال تشينج بيولوجي» أن مجتمع العوالق في مياه المملكة المتحدة، وهي الطحالب الدقيقة والحيوانات التي تدعم شبكة الغذاء البحرية بأكملها، شهد تغيُّرات شاملة في العقود الستة الماضية.
العوالق وتأثيرات البشر
بتعاون علماء بحار بارزين من جميع أنحاء المملكة المتحدة، بقيادة جامعة بليموث، يجمع البحث لأول مرة بين نتائج المسوح البريطانية مثل “مسجل العوالق المستمر” (CPR)، ونتائج بيانات سلاسل زمنية طويلة المدى.
ومن ثم، رُسمت خرائط تحتوي على تلك الملاحظات، في مقابل التغيُّرات المسجلة في درجة حرارة سطح البحر، لبيان تأثير المناخ المتغير على هذه المجتمعات البحرية شديدة الحساسية.
يقول مؤلفو الدراسة إن النتائج التي توصلوا إليها تقدم دليلاً آخر على أن زيادة الضغوط البشرية المباشرة على البيئة البحرية، إلى جانب التغيُّرات المدفوعة بالمناخ، تزعج النظم البيئية البحرية على مستوى العالم.
ويقولون أيضاً إن من الأهمية بمكان المساعدة في فهم التغيُّرات الواسعة التي تحدث في عالم البحار، نظراً لأن أي تحولات في مجتمعات العوالق تنطوي على عواقب سلبية على النظام البيئي البحري والخدمات التي يقدمها.
ونظراً إلى أن العوالق تعد القاعدة الأساسية لشبكة الأغذية البحرية، فمن المرجح أن تؤدي التغيُّرات في العوالق إلى تغيُّرات في الأرصدة السمكية التجارية وطيور البحر، وحتى قدرة المحيط على توفير الأوكسيجين الذي نتنفسه.
تغيُّرات طويلة المدى
أظهرت تحليلات المجموعات الوظيفية للعوالق تغيُّرات عميقة طويلة المدى، كانت متشابكة عبر مناطق جغرافية واسعة حول الساحل البريطاني مباشرة.
على سبيل المثال، كان متوسط وفرة العوالق الحيوانية الموقتة لعقدي 1998-2017، وهي نوع من العوالق الحيوانية التي تشمل الكركند وسرطان البحر، والتي تقضي حياتها البالغة في قاع البحر، 2.3 مرة عن 1958-1967 عند مقارنة عينات “مسجل العوالق المستمر” في بحر الشمال، في وقت تزايدت فيه درجات حرارة سطح البحر.
وهذا يتناقض مع انخفاض عام في العوالق التي تقضي حياتها كلها في عمود الماء، في حين لوحظ انخفاض في عدد الأنواع البحرية الأخرى بنحو 75 في المئة.
يقول الدكتور ماكواترز-غولوب، العالم الرائد في سياسة الموائل البحرية للمملكة المتحدة؛ “العوالق أساس شبكة الغذاء البحري بأكملها، لكن عملنا يظهر أن تغيُّر المناخ قد تسبب للعوالق في عملية إعادة تنظيم كبيرة حول المياه في المملكة المتحدة”.
ويضيف أن “هذه التغيُّرات في العوالق ستتسبب في تعديلات على النظام البيئي البحري بأكمله، ولها عواقب على التنوع البيولوجي البحري وتغيُّر المناخ (تدوير الكربون) والشبكات الغذائية، بما في ذلك مصائد الأسماك التجارية”.
البيانات طويلة المدى
تقول الدكتورة كلير أوستل، من المسح المستمر لمسجل العوالق (CPR) التابع لجمعية الأحياء البحرية، “إن التغيُّرات في مجتمعات العوالق لا تؤثر فقط على العديد من مستويات النُظم البيئية البحرية، بل على الأشخاص الذين يعتمدون عليها أيضاً، لا سيما عبر التأثيرات على الأرصدة السمكية التجارية”.
وتضيف أن “هذا البحث يعد مثالاً رائعاً على كيفية جمع مجموعات مختلفة من البيانات للتحقيق في التغيُّرات طويلة المدى في مجموعات العوالق المهمة في سياق درجات الحرارة المتزايدة، هذا النوع من الدراسات التعاونية مهم لتوجيه السياسات وتقييمات بيئتنا المتغيرة”.
ويضيف البروفيسور بول تيت، المؤلف المشارك في الدراسة من الجمعية الأسكتلندية للعلوم البحرية (SAMS)، أنه “في هذه الورقة، حاولنا تحويل عقود من التخمين إلى أدلة، حيث كان يعتقد منذ فترة طويلة أن ارتفاع درجة حرارة البحار يؤثر على العوالق”.
مضيفاً أنه “من خلال الجمع بين مجموعات البيانات الكبرى طويلة الأجل من جميع أنحاء المملكة المتحدة لأول مرة، اكتشفنا أن الصورة معقدة، لذلك نحن بحاجة إلى البناء على هذا النجاح في التعاون المشترك، من خلال زيادة دعم مسجل العوالق المستمر ومراصد العوالق البحرية”.