تعتبر الدلافين من الأسماك التي تحظى بعلاقة وثيقة مع الإنسان، إذ يعرف عنها أنها من الأنواع الودودة التي نادراً ما تكون هجومية، إلا أنها كغيرها من الأحياء المائية يهدد حياتها الخطر، وهذا ما دفع هيئة البيئة – أبوظبي لتأخذ على عاتقها حمايتها من خلال برنامج جديد رصد 138 منها على نوعيها: قاروري الأنف والأحدب في مياه الإمارة .
ومن أجل الحفاظ على حياة أي من الكائنات الحية لابد من التعرف أولاً إلى موائلها وطرق تغذيتها وتكاثرها، وهذا ما رصده برنامج حماية الدلافين الذي اعتمدته هيئة البيئة – أبوظبي، والذي انتهى مؤخراً من أول مسح بحري لموائلها في المياه الساحلية لإمارة أبوظبي .
وخلال المسح الذي استمر لمدة 15 يوماً، استخدمت قوارب بحجم 45 قدماً، جهزت خصيصاً وزودت بمنصات مراقبة تغطي مساحة تصل لغاية 2000 كيلومتر من مياه أبوظبي الساحلية، الممتدة من غرب شبه جزيرة السلع حتى الحدود الشرقية مع إمارة دبي .
أجري المسح بمشاركة متطوعين من جمعية الإمارات للحياة الفطرية بالتعاون مع الصندوق العالمي لصون الطبيعة ومشروع “دولفين الإمارات” .
وحول ذلك تقول د . شيخة سالم الظاهري، المديرة التنفيذية لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في الهيئة: “نعمل جاهدين على المحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض والنادرة، حفاظاً على التنوع البيولوجي البحري والبري في الدولة، ولذلك نعمل بكل السبل على عقد شراكات مع شركاء قادرين على المساهمة في توفير أفضل التقنيات لتحقيق أهدافنا، ومن ذلك شراكتنا مع معهد “بوتلينوس” لبحوث الدلافين في إسبانيا، إذ اعتمدنا على استخدام تقنيات حديثة في مراقبة الدلافين، ومنها الطائرات من دون طيار، المجهزة بكاميرات عالية الوضوح لتتمكن من تحديد عدد الدلافين التي تراقب بدقة .
وكانت هذه التقنية قد استخدمت في مراقبة أبقار البحر وغيرها من الأحياء المهددة بالانقراض، كما استخدمنا تقنية تصوير متطورة لكل نوع من الدلافين للتعرف إلى الصفات المميزة لها” .
وتشير الظاهري إلى أن المناطق المحمية تعتبر من أهم المواقع التي تحافظ على التنوع البيولوجي في الإمارة، ولذلك عملت الهيئة بعناية على اختيار المحميات، لاحتضانها عدداً من الموائل البحرية والساحلية الحساسة والمتنوعة، كالأعشاب البحرية والشعاب المرجانية وغيرها، وتعمل هذه الموائل على الحفاظ على الأنواع البحرية النادرة والمهددة بالانقراض .
وحول وعي الجمهور بأهمية الحفاظ على الكائنات الحية والتنوع البيولوجي والبيئة من التلوث تقول الظاهري: “إن خلق الوعي البيئي في مجتمعنا هو إحدى أولويات الهيئة، إضافة إلى كونه جزءاً من استراتيجيتنا المؤسسية، ولذلك أعلنا أنه بإمكان أفراد المجتمع الإبلاغ عن أي دلافين تشاهد قبالة السواحل من خلال الاتصال بمركز اتصال حكومة أبوظبي، وذلك لجعلهم يساهمون معنا في الحفاظ على الكائنات الحية، كما عملنا على توفير منصة إلكترونية تحت اسم “جواهر الإمارات” والتي أطلقناها بالتعاون مع “جواهر الطبيعة الإماراتية ARKive” التي تقدم معلومات بيئية مهمة للجمهور” .
ونجح المسح الذي أجرته الهيئة ضمن برنامج حماية الدلافين، في تحديد أنماط حركتها وأحجامها وأعدادها التقريبية، ذلك أن الهدف من البرنامج مراقبة الدلافين في المياه الإقليمية لإمارة أبوظبي ودراسة طبيعتها البيولوجية، والتعرف إلى سلوكها وعاداتها وتحديد التوزيع الجغرافي لموائلها لحمايتها والمحافظة عليها من الانقراض . هذا ما توضحه عائشة يوسف البلوشي، مديرة إدارة التنوع البيولوجي البحري في الهيئة .
وتشير البلوشي إلى أن المسح توصل إلى تحديد مجموعة الدلافين من نوع الأحدب الموجودة في محمية مروح البحرية التابعة للهيئة، ومجموعة الدلافين ذات الأنف القاروري في المنطقة الواقعة بين محمية الضبعية إلى رأس غناضة وبين السلع وصير بني ياس .
وتذكر الظاهري أن الدلافين الحدباء تختلف عن الدلافين ذات الأنف القاروري لأن منقار الثانية طويل، موضحة أنه تم تحديد 77 دولفيناً قاروري الأنف، منها 19 من الدلافين صغيرة السن، و61 دولفيناً أحدب، منها 10 صغيرة . كما رصدت الهيئة اثنين من الدلافين حديثة الولادة، ويرجح ولادتهما في نهاية موسم الربيع وبداية فصل الصيف الحالي في إمارة أبوظبي .
وفي شاطئ السعديات يمكن أن يشاهد الزائر في الصباح قطعان الدلافين، حيث تفضل المياه النقية الهادئة، الأمر الذي يشكل إشارة واضحة إلى جودة مياه السعديات، وهذا ما دعا فندق وفلل بارك حياة أبوظبي إلى دعوة مؤسسة “مشروع دولفين الإمارات” لإلقاء محاضرة تثقيفية لجميع الموظفين المعنيين من شركات الضيافة في السعديات حول الدلافين .
وتهدف مؤسسة “مشروع دولفين الإمارات”غير الربحية إلى رفع مستوى الوعي وتثقيف الجمهور بأهمية الدلافين البرية، إضافة إلى تشجيعهم على الإبلاغ عند مشاهدتهم الدلافين لأغراض البحوث المختلفة .
يعد دولفين المحيطين الهندي والهادي قاروري الأنف من الدلافين الاجتماعية الهادئة، كما أن حجمه يتراوح بين 3 أمتار وأقل، وهو ذو خطم طويل .
وتوجد هذه الدلافين في مياه الإمارات ضمن تجمعات يتراوح عددها بين 5 و35 فرداً أو أكثر، وتعتبر سبّاحة قوية وسريعة، وتشاهد وهي تركب الأمواج التي تخلفها الزوارق، وتعتبر من الأنواع الفضولية والقادرة على أداء الحركات البهلوانية الجوية، وتتغذى هذه الدلافين في المياه العميقة والقيعان الرملية والحشائش البحرية والشعاب المرجانية في مياه الخليج العربي، وهي من الأنواع المتعايشة مع الأنواع الأخرى من الدلافين والحيتان .
الأكثر شيوعاً
في مسح جوي سابق لمياه الخليج الجنوبية والغربية في 1999-،2000 أشارت البيانات إلى أن أكثر الأنواع شيوعاً في المياه القريبة من الساحل وإلى عمق 20 متراً هو الدولفين قاروري الأنف، إذ كان يشكل نسبة 70% من الدلافين الصغيرة، بينما يشكل الدولفين الأحدب نسبة 27%، ويعتبر الأخير الأكثر شيوعاً في المياه الضحلة، وهو النوع الذي يشاهد في الغالب على مقربة من الساحل، وشوهد خلال المسوحات الجوية 96% منها في مياه لا يزيد عمقها على 10 أمتار .
أما الدولفين قاروري الأنف، فهو أقل حصراً أو تقييداً، وهو موجود في المياه الضحلة والعميقة، حيث إن 29% منه شوهدت خلال المسوحات الجوية في مياه يقل عمقها عن 10 أمتار، بينما لم يشاهد الدولفين العادي خلال تلك المسوحات الجوية، حيث يعيش في المحيطات ويصعب التعرف إليه من الجو، أو لأنه يعيش غالباً في المياه العميقة .
الدولفين الأحدب
يتميز الدولفين الأحدب الذي شوهد في مياه الإمارات بلونه الرمادي عادةً، ونادراً ما يفوق طوله مترين ونصف المتر، ويشبه رأسه رأس الدولفين قاروري الأنف، لكن أنفه أطول .
وبشكل عام يكون بظهر أحدب مع سنام دهنية على الزعنفة الظهرية، ويعد من الدلافين بطيئة الحركة حيث يبلغ معدل سرعة سباحته نحو 8 .4 كم في الساعة، وعند صعوده خارج الماء فإنه يخترق السطح بخطمه الطويل ثم يقفز برأسه وجسمه على شكل قوس واسع، وعادة ما يكون على شكل مجموعات متكونة من 2- 20 فرداً، ويتغذى بالدرجة الأولى في مناطق القيعان الرملية، وفوق الشعاب المرجانية والصخرية .
ويمكن مشاهدة بعض الدلافين من هذا النوع تحشد الأسماك وتحصرها على الشواطئ الرملية المكشوفة ثم تلتهمها، ولكن هذه الدلافين تتعرض للخطر كغيرها من الثدييات مثل الوقوع في شباك الصيد والتلوث واستنفاد الأرصدة السمكية، إضافة إلى ارتطامها بالقوارب .
الخليج