يضع حارس المحمية كشافاً ضوئياً على رأسه، ويحرك آخر يدوياً في زوايا مظلمة داخل سيارة تقف على مدخل المحمية، ربما بحثاً عن أسلحة، ثم يكتفي بالتأكيد على عدم التعرض للسلاحف، قبل أن يأمر سائق السيارة بالانطلاق، وهنا ينتهي دوره، ولا يبدأ دور آخرين، في الخليج الصغير الذي يحتضن مملكة السلاحف النادرة.
تقع المحمية في خليج شرمة على ساحل بحر العرب، جنوب الجزيرة العربية، وعلى بعد (120 كيلومتر) شرق مدينة المكلا، كبرى مدن حضرموت، وثاني كبرى مدن جنوب اليمن، وتعد موطناً دائماً أو مؤقتاً لأنواع نادرة من الطيور والسلاحف بينها السلاحف الخضراء، السوداء، وصقرية المنقار، وأعلنت مطلع القرن رسمياً كمحمية طبيعية.
موسم الموت
في مثل هذا التوقيت من كل عام تخرج السلاحف النادرة المستوطنة أو المهاجرة إلى ساحل الخليج لوضع بيوضها في أعشاش رملية قبل أن تواصل شق طريقها إلى أماكن أخرى تبعد آلاف الأميال، لكن كائنات بحرية مفترسة تنتظر صغارها في موسم التفقيس داخل مياه الخليج ضمن حروب بيولوجية متواصلة، فيما تتربص بالأمهات، قبل ذلك، على رمال الشاطئ، كائنات بشرية، في موسم التعشيش، تؤصل لفكرة الحياة البرية القاسية.
تتسبب رحلات شبابية يفتقد عناصرها للتوعية اللازمة والرقابة الصارمة في قتل عشرات السلاحف لأكل لحمها، والعبث بمحاضن البيوض، أو احتجاز السلاحف في الليل لساعات طويلة تنتهي بالتقاط صورة بجانبها بعد طلوع الشمس لنشرها على شبكات التواصل الاجتماعي، ثم تركها أحياناً ملقية على ظهرها.
رقابة ذاتية
فوق رمال الخليج الصغير، تتناثر بقايا جثث السلاحف، على بعد أمتار فقط من جنود الحراسة في مدخل المحمية التي تفتقد لدوريات راجلة لمراقبة الزائرين ليلاً، حين تخرج السلاحف للتعشيش.
يمارس زوار عاديون أحياناً رقابة ذاتية، ويتدخل في مرات أخرى زوار آخرون من أنصار البيئة بشكل طوعي لمساعدة السلاحف المقلوبة أو العالقة في التجاويف الصخرية حينما يصادف وجودهم بالتزامن، أو عقب زيارات فتية عابثين، لكن أعداد الجثث المتناثرة فوق رمال الشاطئ تواصل تصاعدها رغم ذلك.
هنا صوتك