ربما سأل بعض من تابعوا توقيع الاتفاق المصري – الإيطالي لمساعدة مدينة الجونة السياحية في محافظة البحر الأحمر، على التحوّل مدينة مُتَعادِلَة كربونيّاً، عن مدلول هذا المصطلح.
كيف تصبح مدينة ما مُتَعادِلَة كربونيّاً وصديقة للبيئة؟ وزاد حدّة السؤال أن الهدف من الاتفاق يمثل حدثاً فريداً.
كما طرح بعض المتابعين سؤالاً عن مردود هذه الاتفاقية على مستقبل السياحة في مصر.
منطقة خضراء
في هذا الصدد، تناول رجل الأعمال سميح ساويرس، ممثل مدينة الجونة في توقيع الاتفاق، متطلّبات أن تصبح الجونة مدينة مُتَعادِلَة كربونيّاً، فقال: «يجب أن تكون الطاقة المستخدمة في النقل والتبريد والتسخين في كل منشآت المدينة، آتية من مصدر غير مُلَوّث للبيئة.
ويؤدي ذلك إلى عدم حدوث زيادة في نسبة ثاني أكسيد الكربون الذي يفاقم تلوّث الهواء، ويرفع درجات الحرارة، ويساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري.
وفي حال استمرار زيادة استخدام الطاقة بالمعدلات الحالية التي ترافق زيادة السكان والمباني، سيصل العالم إلى حجم تلوث لا يُحتمل.
وكي نصل إلى بيئة نظيفة بطريقة مقبولة من ناحية الكُلفة في الجونة، ستُنفّذ خطة من مراحل متنوّعة».
ولفت ساويروس إلى أن البداية ستكون عبر مئة فدان تزرع حالياً في الجونة كي تشكل منطقة خضراء. وقال: «تعيش النباتات عبر استهلاك نسبة من غاز ثاني أكسيد الكربون الموجود في المدينة.
وتالياً، نستطيع استخدام معدّات في المدينة تعمل بالوقود العادي مثل الديزل والبنزين، لكن ما تنفثه من غاز ثاني أكسيد الكربون يتعادل مع كمية الغاز الذي تستهلكه تلك المساحة الخضراء».
وأوضح أن المرحلة التالية من الاتفاق ستنفّذ عبر عشر سنوات، لا تستخدم خلالها معدّات يصدر عنها غاز ثاني أكسيد الكربون. وأضاف: «من الممكن استخدام طاقة الشمس في تسيير وسائل النقل في الجونة.
أنشأنا خطّاً لنقل الكهرباء المولّدة بطاقة الرياح من محطة الزعفرانة إلى مدينة الجونة، ما يكفل الاستغناء عن محطات لتوليد الكهرباء من الديزل والغاز».
السياحة والبيئة
تحدّث وزير السياحة المصري هشام زعزوع عن مردود تنفيذ اتفاق التعادل الكربوني في مدينة الجونة، على مستقبل السياحة فيها.
وأوضح أن قطاع السياحة يساهم عالميّاً بقرابة 5 في المئة من مشكلة تلوّث البيئة، يأتي 40 في المئة منها من الطيران المُستخدم لنقل السياح، فيما تأتي البقية من الفنادق والبواخر.
وقال زعزوع: «إذا استطعنا الوصول الى نقطة التعادل مع هذه الانبعاثات الكربونية في مصر، نصبح سبّاقين عالمياً في هذا المجال».
وأكد أن اتفاقية تحويل الجونة إلى مدينة مُتَعادِلَة كربونيّاً، يشكّل تطوّراً في صناعة السياحة في مصر، خصوصاً أن البيئة أصبحت عاملاً أساسياً في التنافس سياحياً.
في هذا المجال، رأت وزيرة الدولة لشؤون البيئة المصرية ليلى اسكندر، ضرورة أن تلتزم المصانع والأفراد بسلوك حضاري بيئياً.
ولفتت إلى أن كثيراً من المصانع لديها شبكات صرف صناعي، لكن لا تستخدمها من أجل توفير المال. وقالت: «هناك مصانع ليس لديها هذه الشبكات في الأساس، إضافة إلى لجوء مصانع وأفراد لطرح الفضلات والنفايات في مجرى النيل».
وأكّدت أن الوزارة تأمل في تطبيق اتفاقات مماثلة على بقيّة المدن والمناطق السياحية في مصر، مشترطة نجاح تطبيقها أولاً في مدينة الجونة بمساعدة ايطاليا التي قدّمت كل الوسائل التقنية اللازمة لإنجاز هذه التجربة.
وبالنسبة إلى نتائج هذه الخطوة على سياحة الشواطئ، أوضح محافظ البحر الأحمر اللواء أحمد عبدالله أن المحافظة تتعاون مع وزارات البيئة والسياحة والكهرباء في العمل على خفض التلوث وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.
وأكّد العزم على نقل 52 منشأة سياحية إلى الاعتماد على الغاز الطبيعي كمرحلة انتقالية على طريق التحوّل بيئة نظيفة تماماً.
وقال: «سنبدأ قريباً توجيه وفود للترويج للسياحة وللاستثمار السياحي والعقاري. وأتوقع ضخّ استثمارات ضخمة في محافظة البحر الأحمر، خصوصاً في مجال السياحة التي تعتبر من الصناعات الكثيفة العمالة، إذ يستوعب فندق واحد ما يتراوح بين 300 و400 عامل».
ولفت إلى أن المحافظة ستنفذ مشاريع للاستثمار الصناعي والتعديني في منطقة «المثلث الذهبي» قرب السودان، إضافة إلى استغلال ثروات غرب سلسلة جبال البحر الأحمر صناعيّاً. كما ستعلَن المحافظة منطقة صديقة للبيئة خلال سنوات قليلة.
ويذكر أن الاتفاق لجعل الجونة مدينة مُتَعادِلَة كربونيّاً وقّعه المدير العام لوزارة البيئة الإيطالية كولوردو كليني والوزيرة اسكندر وساويرس.
الحياة