من منطلق الحاجة إلى إعادة بناء العلاقات مع الطبيعة، ووقف “الحرب” التي يشنها البشر عليها، وتغيّر المناخ، شارك العشرات من قادة دول العالم والمسؤولين في منظمة الأمم المتحدة في أول قمة للتنوع البيولوجي الأربعاء، لبحث سبل إنقاذ الحياة الطبيعية في ظل تناقص أعداد الأحياء البرية والاستهلاك المفرط والنمو السكاني.
عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القمة، باستخدام تقنيات التواصل عن بعد، التزاما بمسؤلية اتباع الإرشادات الطبية المتعلقة بالتباعد البدني للمساهمة في السيطرة على انتشار مرض كوفيد-19.
وفي كلمته أمام المؤتمر، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إن “البشرية تشن حربا على الطبيعة”، وأضاف أن إزالة الغابات وتغيّر المناخ وتحويل المناطق البرية لإنتاج الغذاء البشري كل ذلك يؤدي إلى تدمير شبكة الحياة على الأرض.
وقال: “نحن جزء من تلك الشبكة الهشة – ونريدها أن تكون بصحة جيّدة حتى نتمكن نحن والأجيال القادمة من الازدهار”. وأشار إلى أن الطبيعة مرنة، ويمكن أن تتعافى “إذا خففنا من اعتداءاتنا المتواصلة” عليها.
وتنعقد القمة هذا العام تزامنا مع جائحة كـوفيد-19 التي تجتاح العالم وتؤثر على اقتصادات ومجتمعات الدول. ويشير الخبراء إلى أن 60% من جميع الأمراض المعروفة، و75% من الأمراض المعدية الجديدة هي حيوانية المصدر، تنتقل من الحيوانات للبشر.
وقال الأمين العام: “تتمثل إحدى نتائج الاختلالات في التوازن مع الطبيعة، في ظهور أمراض مميتة مثل مرض نقص المناعة البشرية (الإيدز) وإيبولا والآن جائحة كوفيد-19، والتي لا نملك سوى القليل من الدفاع أمامها أو لا نملك أي دفاع”.
وعدّد الأمين العام ثلاث أولويات للحفاظ على التنوّع البيولوجي وإدارته على نحو مستدام:
أولا، تضمين الحلول القائمة على الطبيعة في التعافي من فيروس كوفيد-19 وخطط التنمية الأوسع. ويمكن أن يؤدي الحفاظ على التنوّع البيولوجي في العالم إلى توفير فرص العمل والنمو الاقتصادي الذي نحتاجه اليوم بشدة.
ثانيا، يجب أن تراعي الأنظمة الاقتصادية والأسواق المالية، الطبيعة وأن تستثمر فيها.
ثالثا، يجب تأمين أكثر السياسات والأهداف طموحا، التي تحمي التنوع البيولوجي ولا تترك أحدا وراء الركب.
وأشار السيد غوتيريش إلى أن الطبيعة توفر فرصا تجارية للمجتمعات الفقيرة، من الزراعة المستدامة إلى السياحة البيئية أو صيد الكفاف.
وتعتمد معظم الشعوب الأصلية على وجه الخصوص على النظم البيئية الصحية التي يمكن أن توفر الخدمات الاقتصادية والمالية التي يحتاجونها للحفاظ على ثقافاتهم وسبل عيشهم.
وقال الأمين العام: “أعتمد عليكم خلال هذه القمة لإرسال إشارات قوية.. لثني منحنى فقدان التنوع البيولوجي”، وحث جميع قادة الدول للانضمام لجهود معالجة أسباب فقدان التنوع البيولوجي.
وأضاف أن ثمة حاجة لتأمين إطار طموح للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020، للمساعدة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحديد أهداف ملموسة، وحشد شراكة كاملة وفعّالة عبر الدول والمجتمعات.
وأشار الأمين العام إلى أن الحلول القائمة على الطبيعة هي أدوات حيوية في معركتنا لحل أزمة المناخ. “لدينا حلول طبيعية في متناول اليد، لحمايتنا من الكوارث الطبيعية وفقدان الوظائف والتداعيات الاقتصادية. دعونا نستخدمها”.